الشيخ محمد سعيد عبد البر عضو فى جماعة الإخوان المسلمين منذ 28 عاما حيث يعد من القيادات البارزة فى الجماعة تقدم بإستقالته من الجماعة يوم الخميس الماضى للمرشد العام موضحا أسباب هذه الإستقالة حيث قال أن الجماعة إنفصلت عن النسيج الوطنى وتتسارع لدعم العسكر ووقف الحالة الثورية كما وصف قيادات الجماعة برفضهم الكامل لعملية النقد الموجهة لهم فى الفترة الأخيرة حيث قال انتشر الفكر القطبي والوهابي بين القيادات و رفضها للنقد الداخلي سواء بحجة الضغط الأمني قبل الثورة أو الهجمة الإعلامية بعد الثورة كما وضح فى إستقالته مخالفات مالية وتنظيمية وإدارية داخل الجماعة متهما قيادات الجماعة بالتعتيم عليها بل وبمحاربة كل من يحاول مناقشة هذه المخالفات
وفيما يلى نص الإستقالة كما جاء على صفحة الشيخ على الفيسبوك
وهذه الإستقالة كاملة كما وردت
(استقالتي المسببة من جماعة الإخوان المسلمين
(الثامن من مارس 2012)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى الواسع الفضل، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير من أقام العدل، وعلى آله وصحبه أولي العطاء والبذل، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الفصل.. وبعد،
فهذه استقالتي من جماعة الإخوان المسلمين (وكنت انضممت إليها عام 1986) أعلنها لمن يهمه الأمر أداء للأمانة وقياما بواجب البيان وحق النصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم.
السبب الإجمالي لهذه الخطوة هو أني أرى –بعد بحث عميق استغرق وقتا طويلا- أن القيادة الحالية تأخذ الجماعة في طريق بعيد عن نهج المؤسس الشيخ حسن البنا رحمه الله تعالى، وحيث إني لست مستعدا لسلوك هذا الطريق الآخر لكونه-عندي- غير صحيح فكرا ولا شرعا، فإن هذه الاستقالة لازمة لأكون متسقا مع فهمي وخلقي وضميري.
وتفصيل ذلك فيما يلي:
أولا: الجانب الفكري والثقافي.
ثانيا: الجانب التربوي.
ثالثا: الجانب الإداري.
رابعا: الجانب التنظيمي.
خامسا: جانب الأداء العام الحالي.
ففي الجانب الفكري والثقافي (أي النظرة الكلية إلى الفقه والاعتقاد والسلوك)
نجد أن المؤسس رحمه الله تعالى كان حريصا كل الحرص على أن يربط أفراده بالتراث الإسلامي بأركانه الثلاثة: الفقه والعقيدة والتصوف، ففي الفقه كان هو نفسه فقيها حنفيا وكان يحث الفرد على دراسة رسالة –على الأقل- في فروع الفقه على مذهب من المذاهب الأربعة، وفي الاعتقاد كان سنيا أشعريا، وكتب رسالة العقائد على هذا النهج كما حث الأفراد على دراسة رسالة في أصول العقيدة، وفي التصوف كان الرجل شاذليا حصافيا، وحث الأفراد على قراءة الأوراد التي سماها المأثورات والتي هي في مجملها مقتبسة من أوراد الشيخ زروق –الشاذلي- رضي الله تعالى عنه، كما كان يقرأ لهم في الكتائب من إحياء علوم الدين ومن حكم ابن عطاء الله. وأما المسار الفكري الذي سارت فيه القيادة الحالية هو البعد التام عن هذه المكونات الأساسية فحلت محلها مناهج يشوبها الخلل العلمي وغياب الدقة وضعف التأثير، فحادت بالأفراد عن الخط الأصيل كثيرا، وأصدق برهان على ذلك هو أن الأفراد في مجملهم لا يعلمون شيئا عن الأمور التي ذكرت والتي كانت إطارا قويا يحكم فكر المؤسس رحمه الله تعالى، وكان من نتيجة ذلك تسرب مفاهيم الفكر القطبي والفكر الوهابي لأفراد الجماعة، بل وقياداتها في أحوال كثيرة ، الأمر الذي يعد انحرافا واضحا عن فكر مؤسسها وبهذا تكون الجماعة من الناحية الفكرية جماعة أخرى غير التي أنشأها الشيخ البنا رحمه الله تعالى.
وقد علق الشيخ يوسف القرضاوي على قضية المناهج تعليقا طويلا في مذكراته وهي متاحة منشورة لمن يريد.
(نقلت في الملحق رقم 1 بعضا من نص كلامه يوضح ما أشرت إليه)
وفي الجانب التربوي
كان المؤسس رحمه الله تعالى واسع الصدر عظيم التحمل لأفراد الجماعة -بل للناس جميعا- فكان يحتفي بهم ويستمع إليهم وينصت لنقدهم إنصات من يريد الاستفادة من أصغرهم فضلا عن أكبرهم، كان يدقق في كل نقد يوجه له ويهتم بالجواب عليه اهتماما عظيما وإن أسرف قائله في اللوم والعتاب، حتى لقد سأله أحد الأفراد على صفحات المجلات عن مصادر دخله وعن المفارقة بين أناقته في ملبسه وهيئته وبين قلة دخله، فما كان من الإمام إلا أن أجابه تفصيلا عن مصادر دخله وديونه بمنتهى الهدوء بل وشكر له حرصه على أموال الجماعة ونظافة ذمة قائدها، ونشر السؤال والجواب بنفسه في المجلة التي كان يرأس تحريرها.
وفي المقابل نجد القيادة الآن تضيق بالنقد وتتبرم بالرأي المخالف وتقسو على الأفراد وتشهر في وجوههم سيف السمع والطاعة والثقة ثم سيف العقوبة الإدارية من تحقيق لتجميد عضوية حتى الفصل النهائي والإبعاد التام من صفوف الجماعة، ولعل الكثير جدا من الأحداث الجارية والماضية يؤيد كلامي هذا.
وضعت القيادة الحالية المنهج ولجنة التربية محل الشيخ المربي والأستاذ الموجه، كل هذا في سبيل العلو بمفاهيم التنظيم فوق مبادئ التربية والتوجيه الروحي والعملي والإنساني، فكانت النتيجة أمرين أساسيين: أولهما: ترسيخ معنى الالتزام التنظيمي التام لدى الفرد على حساب زاده الثقافي والروحي والأخلاقي، فصار نظره لكونه قدوة أمام الناس مقدما على نظره لحق خالقه ورغبته الداخلية في طاعته والامتثال لأمره، صار يفعل الصواب لئلا يراه الناس يفعل الخطأ لا خوفا من حساب الله تعالى وخضوعا لأمره سبحانه . والثاني: غياب روح الأخوة لتحل محلها مفاهيم السمع والطاعة المجردة عن رقة الأخوة ودفء المحبة وحلاوة المودة.
نرى من يتصدرون لتربية الأفراد أفرادا مثلهم لا يزيدون عليهم في كفاءة تربوية حقيقية ولا يفوقونهم في زاد شرعي ولا فكري ولا ثقافي، ولا حتى يكبرونهم سنا في أحيان كثيرة، ولا أهلية لهم في توجيههم إلا المنصب الإداري الذي بوأتهم إياه الجماعة، وكأنهم يكتسبون أهليتهم من لقب إداري لا أكثر ولا أقل، في حين إن أمر التربية والتوجيه في التراث التربوي الإسلامي كبير الشأن عظيم الأهمية لم يتصد له إلا الأكابر من العلماء المربين المرشدين على مر التراث كله.
لما حل المسئولون غير المؤهلين محل المسئول الأصلي عن هذه المهمة وهم علماء الدين في الأزهر الشريف انفصل أبناء الجماعة عن العلماء وحيل بينهم وبينهم فكان الضرر البالغ على المتصدر والمتلقي جميعا، فالأول صار أستاذا موجها قبل الأوان ففاته التعلم والتزكي لانشغاله عن التعلم بتعليم غيره، والمتلقي فاته الزاد الحقيقي من محله الأصلي ونال بدلا عنه زادا وهميا من غير مؤهلين.
رأيت بنفسي -ورأى الكثيرون غيري- آثار هذا الأمر في تشوهات حصلت لكثيرين في فكرهم وأخلاقهم ومساراتهم في حياتهم الشخصية والاجتماعية والمهنية، ولقد سمعت بأذني شبهات خطيرة ومخيفة من عدد كبير من أفراد الجماعة حول العقيدة والشريعة، وكان الكثيرون منهم من أولاد قيادات الإخوان، مما ينبئ عن خلل كبير لم نر كل آثاره بعد، والله تعالى المستعان. وقد كتبت تقريرا مفصلا عن هذه الأمور منذ سنوات ورفعته ولم يناقشني فيه أحد. (ملحق رقم 2)
وفي الجانب الإداري
كان المؤسس رحمه الله تعالى حريصا كل الحرص على إدارة الجماعة بأسلوب مدير المؤسسة لا بعقلية قائد التنظيم، فكان يمارس الشورى الحقيقية وبكل شفافية ووضوح ويستمع بمنتهى الدقة والإنصات لكل اقتراح بل وكل نقد من خارج الجماعة قبل داخلها. وأما القيادة الحالية فتتجاهل كل ما ذكر، بل وتسكت سكوتا غريبا على وقائع محددة ذكرها أصحابها مؤيدة بالأدلة، فتسكت ولا تبالي بالجواب مطلقا، مما يعد تجاهلا للأفراد وللرأي العام وتقليلا من شأنهم وغمطا لحقهم في مجرد معرفة الحقائق، وذلك بزعم الحفاظ على وحدة الصف وعدم إثارة البلبلة وهي الحجة التي صارت قديمة مستهلكة من كثرة ما استعملت وقيلت وتكررت، ربما كان للقيادة العذر في ذلك لو جاءت هذه الاعتراضات من أعداء الجماعة أو من مباحث أمن الدولة كما كان يحصل في الماضي، ولكن ما عسى يكون عذرها وهي آتية من فلذات أكباد الجماعة الذين قضوا الليالي الطوال في السجون لتمسكهم بمبادئها ورفضهم البوح بأسرارها أو التعاون مع أعدائها؟!
فعلى سبيل المثال:
1- تقدم الدكتور إبراهيم الزعفراني بمذكرة من 30 بندا معترضا على الانتخابات الداخلية لمجلس الشورى ومكتب الإرشاد الحاليين، ولم يلتفت إليه بل وأشيع –على خلاف الواقع- أنه تراجع واعتذر عنها، وقد تأكدت بنفسي منه شخصيا أنه لا يزال متمسكا بكل ما فيها، وحتى الآن لم ترد القيادة على هذه المذكرة وأهملتها تماما، بل ولما تمسك الدكتور بطلب الجواب كان الرد من قبل القيادة ساخرا متهكما بأن يقدم بلاغا للرقابة الإدارية !!
2- تقدم المهندس حامد الدفراوي بمذكرة مماثلة وفي ذات الموضوع وحصل معه نفس ما حصل في النقطة رقم 1 تماما.
3- نشر بالفعل أن هناك انحرافات مالية في نادي أعضاء هيئة التدريس جامعة القاهرة منسوبة لرئيس النادي (فرد من الإخوان) وأحيل الموضوع للدكتور فتحي لاشين للتحقيق الداخلي فيه وكتب الدكتور تقريرا ذكر فيه ما يراه من الحق في المسألة، وتم إخفاء هذا التقرير بل ومعاقبة من أعلن عن هذه الوقائع وهو فرد من الإخوان في قطاع وسط الجيزة وأستاذ في الاقتصاد، ورغم نشر الموضوع إعلاميا ومعرفة الرأي العام به إلا أن القيادة لم تحرك ساكنا في الكشف عن وجه الحق فيه داخليا ولا إعلاميا.
4- نشر بالفعل أن هناك إشكالا ماليا يتعلق بملكية مدرسة بالأسكندرية ونسب لأحد أعضاء مكتب الإرشاد التورط فيه وأنه يرفض الإقرارا للجماعة بملكية المدرسة مساوما على معاش لا يستحقه له ولأفراد أسرته، ولم تحرك الجماعة ساكنا في الرد على هذا.
5- نشر بالفعل أثناء الثورة عن اجتماع بتاريخ محدد بين أشخاص محددين من الإخوان وبين رئيس مخابرات النظام السابق وعقد اتفاق ما بين الطرفين ضد الثورة، وقد قام الأستاذ هيثم أبو خليل بذكر تفاصيل الزمان والمكان والأشخاص وتحدى القيادة أن تكذبه رسميا فلم تفعل، ولم يحصل أي توضيح من جانب القيادة.
6- ما نشر وقتها من كلام صريح لقيادات الجماعة من أنه لم يكن هناك أي نوع من الاتصال بالأمن في انتخابات سنة 2005، ثم صرح الأستاذ مهدي عاكف بوجود اتفاق مع الأمن في هذه الانتخابات، وثار الأفراد عقب هذا الكلام وقدمت التساؤلات مكتوبة وشفهية، ولم يهتم المسئولون ولو بمجرد النفي أو التوضيح.
7- ما نشر من ملابسات ضم الأستاذ صبري ع. (أحد قيادات الدقهلية) لمكتب الارشاد، فإنه لم يوفق في الانتخابات الداخلية التصعيدية وفى الصباح تم اختياره لشورى محافظته و من ثم للشورى العام، وحينما تساءل الإخوان الذين حضروا الانتخابات عما حدث قيل لهم: من الثقة في إخوانكم ألا تسألوا و من حسن إسلام المرء تركه مالايعنيه، ولم تقدم القيادة أي توضيح للأفراد.
8- حصلت معي شخصيا واقعة أحلت فيها للتحقيق وبرغم إقرار الأستاذ المحقق ببراءة ساحتي مما نسب لي فيها إلا أن المسئولين رفضوا إعلان النتيجة لأسباب غير مبررة ولمدة طويلة جدا تقترب من السنة، ثم إذا بهم يعودون فيقولون إن الموضوع لا يزال مفتوحا وهو خلاف الواقع تماما، بل ويربطونه بكوني أكتب آرائي على صفحتي الإلكترونية، ويطلبون مني التبرؤ مما كتبت مقابل إعلان براءة ساحتي في الأمر المذكور الذي لا علاقة له مطلقا بمسألة الكتابة على الفيس بوك، وهذا الربط بين أمرين لا علاقة بينهما بجعل أحدهما مقابلا للآخر لا أجد له اسما –للأسف- غير المساومة، ومبدأ المساومة غير مقبول عندي أصلا والمفترض ألا يكون مقبولا عند أصحاب المبادئ عموما.
وكلما سأل فرد من الجماعة عن إحدى هذه الوقائع المنشورة والمعروفة فإن الرد واحد وهو الإحالة على ثقة الفرد في الجماعة وأننا لن نرد على هذا، في مخالفة واضحة لنهج المؤسس من الاهتمام البالغ بالرد الواضح ومحاسبة المتورط أيا كان شخصه ووضعه.
وفي الجانب التنظيمي
كان نهج المؤسس هو عدم إلزام الفرد بقيود التنظيم وضوابطه إلا في مرحلة عضوية معينة، ولم يكن يشهر سلاح الطاعة والثقة أبدا في وجه من يخالفه في الرأي بل لم يكن يستعمله إلا في مواجهة الخروج الفعلي الذي يسبب خطورة على منهج الجماعة، بل وصرح في رسالة التعاليم –التي تشتمل على مبادئ التنظيم ومنها السمع والطاعة والثقة- أنها موجهة لفئة معينة من أفراد الجماعة.
وأما القيادة الحالية فهي تعمم هذه المفاهيم على جميع الأفراد وتطالب الكبير والصغير والجديد والقديم بكل ضوابط التنظيم، بل وتستعمل المبادئ الثلاثة العتيدة –الطاعة والثقة والكتمان- في كبت كل رأي وقمع كل اعتراض.
لدى القيادة طوال الوقت شعار مرفوع يؤدي في النهاية لسكوت المعترض بشكل أو بآخر، ففي السابق: الأوضاع الأمنية تفرض علينا تجاوز المؤسسية وتجاهل النقد الداخلي، وبعدها: الحرب الإعلامية ضدنا تبيح لنا تجاوز المؤسسية حفاظا على صورة الجماعة أمام الناس، والآن: انشغالنا في المسئوليات العظيمة الملقاة علينا تبيح لنا … إلخ. فمتى يكون الاستماع للأفراد إذن؟ ومتى يحين الوقت المناسب ليعبر الفرد عما لديه من أفكار ويفصح عما في صدره من مشاعر؟
في الحقيقة فإن القيادة الحالية لا ترى سبيلا لحماية الأخوة والتكاتف إلا في مفاهيم التنظيم وقمع النقد الداخلي بشكل أو بآخر.
الحاصل في هذه النقطة أن القيادة الحالية جعلت مهمة الفرد الحقيقية هي حشد الناس للانضمام للجماعة، وكل أمر من جانب الفرد يؤثر على هذه المهمة المحددة يواجه بمنتهى العنف من جانب القيادة.
وفي جانب الأداء العام الحالي
تتخذ قيادة الإخوان أغرب المواقف وتضع الجماعة في أعجب الخانات، اتسمت مواقف الإخوان بسببهم –على اختلافها وتعددها- بأمور، أولها الانفصال التام عن النسيج الوطني، وثانيها المسارعة غير المبررة وغير المفهومة لدعم العسكر وترسيخ سلطتهم على حساب الممارسة الديقراطية الحقيقية، وثالثها الاستغناء الكامل عن القوى السياسية الأخرى، ورابعها الحرص الشديد على إيقاف الحالة الثورية والسعي لتهدئة الأوضاع ولو على حساب ما يمكن انتزاعه لصالح الشعب، وخامسها العيش في وهم التمكين والتصرف على أساس حصوله بالفعل علما بأنه تمكين وهمي لا أساس له في ظل ما سبق.
الخلاصة في هذه الاستقالة المسببة
أني أقرر أن القيادة الحالية قد بعدت بالجماعة عن نهج مؤسسها تماما بما يتجاوز نطاق مراجعة بعض التفصيلات إلى الخروج على إطاره العام، مما يجعلها تقود الجماعة في طريق آخر مختلف عن طريق المؤسس ومباين له تمام المباينة، وهو طريق -من وجهة نظري- غير صحيح فكرا ولا شرعا، ولذلك فإني أتوقف تماما عن ممارسة أي عمل تحت قيادتها، والمستقبل لا يعلمه إلا الله تعالى، لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا، وحينها فلكل حدث حديث ولكل فرض أذان.
خاتمة
وإني إذ أتقدم بهذه الاستقالة أقرر أمورا:
1- أني عرفت بين أفراد هذه الجماعة وقواعدها أطهر أناس عرفتهم في حياتي، وهم ينزلون من قلبي منزلة الأخ أوالولد أوالوالد وسيظلون كذلك إن شاء الله تعالى في الجانب الشخصي.
2- عرفاني التام بفضل الأيام التي قضيتها في هذه الجماعة علي في العمل للدين وتوفر الصحبة الصالحة والاهتمام بالقضايا الكبرى للأمة.
3- أرحب جدا بالتعاون على البر والتقوى في كل عمل يكون نافعا للدين وللوطن.
4- أربأ بنفسي وبإخواني وأصدقائي عن أن يؤثر انقطاع العلاقة التنظيمية بالقيادة الحالية في أخوتنا ومحبتنا التي اجتمعنا عليها زمانا طويلا دون أية شائبة دنيوية.
5- أسأل الله تعالى أن أحافظ على سرية ما اؤتمنت عليه من أمور شخصية أو شئون داخلية اطلعت عليها بحكم كوني فردا في الجماعة.
6- أرجو إخواني الذين يخالفونني فيما ذهبت إليه في قراري هذا ألا يتورطوا في ما لا يليق بي ولا بهم مما لا يرضاه الله تعالى من إساءة شخصية أو مخالفة للخلق الحسن والأسلوب القويم في خلافنا كما التزمنا بذلك في مودتنا ووفاقنا.
7- أرجو إخواني الذين قد يطلعون على أسباب هذه الاستقالة ألا يتأثروا بما ذهبت إليه، وليفعلوا ما يرونه صوابا، لأن الله تعالى قد تعبد كل إنسان بالبحث عن الصواب وبفعل ما يغلب على ظنه أنه الصواب ولا يجزئه أن يتكل على بحث غيره أو فعله.
8- أرجو هؤلاء وأولئك أن نظل على ما يرضاه الله تعالى لنا من الحب في الله والأخوة الخالصة ومراعاة حق الإسلام.
9- أنصح أعضاء مكتب الإرشاد أن يراجعوا أنفسهم في مطابقة الطريق الذي يقودون الجماعة إليه للطريق الذي رسمه المؤسس رحمه الله تعالى، فإما أن يعودوا لنهج المؤسس وإما أن يعلنوا أنهم يؤسسون جماعة أخرى ثم لا عليهم بعدها أن يسلكوا ما يشاءون من سبل، أداء للأمانة وإيثارا للوضوح والصراحة، وأشهد الله تعالى أني أنبههم إلى أنه لا يسعهم غير هذا شرعا ولا خلقا.
10- أوصي كل فرد في الجماعة أن يضع نصب عينيه قول الله تعالى (وكلهم آتيه يوم القيامة فردا) فلن ينفعه انتماء ولا ولاء ولا غير ذلك إذا فعل ما لا يرضاه لدينه ولا يراه مُخَّلِّصاً له من الحساب بين يدي الحكم العدل.
هذا ما أراه ولعله صواب، واللهَ تعالى أسأل، وبسيد خلقه له أتوسل، وبعباده الصالحين من العلماء والأولياء إليه أسلك وأستشفع: أن يرزقني الله تعالى الهداية والتوفيق، والعون والتأييد، والقبول والرضا، في عفو منه سبحانه وعافية، ويسر وتيسير، فهو نعم المولى ونعم النصير، وهو سبحانه حسبي فيا نعم الوكيل.
وصلى الله تعالى وسلَّم وشرَّف وكرَّم
على سيد خلقه سيدنا محمد
وعلى آله وصحبه
أجمعين
آمين